فن وثقافة

“خونة الأنفس”

تنشر afronews24.com الرواية الأولي للمؤلف" موسي مُهَوِسْ

في إحدي قري محافظة المنيا، يجلس في خيمة رجل عجوز صالح، في الصحراء يذكر الله بعيدا عن الناس، وصل هذا الرجل من الصالح والتقوي مبلغ عظيم.

وفي يوم من الأيام مر به شاب وطلب منه جرعة ماء، وبعد أن شرب أخذا يتجاذبان أطراف الحديث، فرأي الشاب من هذا الرجل “كرامات” فحدث نفسه قائلاً: إن القليل من عند هذا الرجل يُشبِع، لذلك طلب ذلك الشاب من الشيخ ان يُعلمه وأن يعطيه من الكرامات التي رأها منه.

فقال له الرجل: يا ولدي من اعطوه أعانوه ومن طلبها تركوه.

فقال الشاب: انا لا أفهم قولك! لكني مازلت أريد أن تعطيني من هذه الكرامات.

– ياولدي الكرامة من غير تقوي فتنة.

فرد الشاب قائلاً : فتنة فتنة أنا أريد هذه الفتنة!

قال الرجل العجوز-لا حول ولا قوة الا بالله! ثم دخل خيمته ونام وظل الشاب ساهرٌ يفكر في الكرامة، كيف سيحصل عليها، وماذا سيفعل بها؟ وكيف سيشتري قصرًا ويشتري؟.. وسيارات وتجتمع النساء من حوله …و…

وبينما هو جالس أخذته غفوة قليلة من النوم؛ فلما أفاق منها  واذا بشيخ طويل واقفٌ امامه!

فقال: ماذا تريد يا سلمان؟

قال: من انت وكيف عرفتني؟

قال: ليس لك شأن بمن أنا،ولكن انا هنا لأساعدك.

-تساعدني كيف؟

-ألست تريد الكرامة؟

-نعم انا أريدها لكن كيف عرفت؟

-أنا اعرف كل شيء، ومستعد اعطيها لك لكن بشروط!

قال الشاب: – أنا موافق …

– موافق من غير ما تعرف الشروط؟

– نعم موافق المهم احصل علي  ما أريده

من غير تعب!

قال الشيخ – اتفقنا.

أول شيء سأضعك في اختبار لكن قبل الاختبار، سأعطيك جزء من الكرامة لتعلم حجم الجائزة التي تنتظرك لو نجحت في الاختبار، نتقابل غدا.

–   جزء؟ جزء ماذا ستعطيني؟

-خذ هذه الريشة كحل بها عينيك وأنزل هذه البلدة  وستري ما سيحدث.

لكن  إياك أن تخبر أحد؛ وخاصة هذا الرجل الذي بداخل الخيمة، لانه حاقد عليّ وسيحقد عليك أيضا، ولا تأخذ منه شيء؛ ولا تسمع له كلام.

يدهن الشاب عينيه ويحدث عنده حرقان بسيط  فيهما ويفتح عينيه فلا يجد الرجل

ويبحث يميناً ويسارً ولا يجده!

ويخرج الشيخ من الخيمة ليصلي الفجر فيجد الشاب واقفا فيفزع الرجل من الشاب ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم في حد جالك هنا؟ من كان عندك؟

فيتلعثم الشاب ويقول: لا ..لا لم يكن عندي أحد ولم اقابل أحد.

يدخل الرجل  خيمته مرة اخري ويحضر زجاجة ويقول له: أدهن عينيك

فيرفض الشاب ويقول له هل ستعطيني الكرامة؟

فيقول الشيخ :يا ولدي الاستقامة خير من ألف كرامة.

فيهرول الشاب هاربا والرجل يقول

الويلُ لك من نفسك…الويلُ لك…

 

يبتعد الشاب والرجل الصالح يَرقُبه ويقول: يارب سلم سلم سلم.

ينزل الشاب القرية ويدخل السوق فيجد رجل يبيع ثوب جميل فيقول له:بكم هذا ؟

فينظر الرجل اليه ويقول :ب… فيتلعثم الرجل  في ذهول ويقول هو لك هديه!

فيأخذه الشاب مندهشاً ويسقط الرجل البائع مغشيا عليه!

ويذهب الي بائع الطعام وبائع الفاكهة ويتكرر نفس الموقف وهو يستغرب مما يحدث!  وتراه امرأة فتتبعه فتفتن به

وتذهب خلفه الي داره، وبعد فترة تخرج المرأة وتترك ذهبها له بعد ان ضاجعها.

يجلس الشاب سلمان يفكر .

ويقول لنفسه:نصف نهار من الكرامة ويكون معي أموال وذهب وملابس غالية ونساء تعشقني وبينما هو غارق في فكره فيغلبه النوم ، يأتيه الشيخ الزاهد ويقول له :خذ هذه واغسل عينيك

ويأتيه الرجل الأخر ويقول: إياك …انه يريد أن يأخذ منك ما انت فيه

فيقول الشيخ: يا ولدي الاستقامة خير وبركة وأفضل لك من عَرض زائل

والكرامة لا تأتي ولا تكون مع معصية.

والرجل الآخر: يقول انت رأيت ما انت فيه اليوم ربع قرن مر عليك لم تري مثله

يحدث تجاذب بين هذا وذاك؛ يستيقظ الشاب صارخا ويفكر فيما حدث

وينتظر الليل حتي يذهب الي ميعاده.

وبينما هو ذاهب  اذا به يجد نفسه أمام خيمة الزاهد

–        ماذا جاء بي الي هنا ؟

يخرج الرجل من خيمته

–  جئت علي قدر؛ يا بني أطعني وعُد الي الله فالنجاة معه سبحانه (قل متاع الدنيا قليل وما عند الله خيرٌ وأبقي)

يمتعض الشاب من الحديث ويقول: إن العلم والكرامات يعطيها الله لمن أراد بلا جهد ويرفع عنه التكليف ويحل له ما يشاء!

فيغضب الشيخ ويقول: هذا كذب

فما أحل الله الحرام لأحد حتي لو كان نبيا ولا كرامة الا بطاعة الله سبحانه والأمتثال لأوامره والبعد عن المعاصي.

يجري الشاب ويترك الشيخ ويقول: معي موعد مع شيخ أكرم وأكبر منك.

فيناديه الرجل: عد إنك ذاهب الي الجحيم

يلوح له الشاب بيده  ويفر مغادراً

يجلس الشاب في المكان المنتظر، وينتظر

وبعد وقت طويل يأتيه الرجل

فيقول له :لقد تأخرت علىّ

فيصرخ الرجل فيه :أصمت

فيخاف الشاب ويتابع الرجل القول: أنت تفعل ما أقوله لك ولا تنتقدني؛ ماذا حدث معك اليوم؟ فيقص الشاب ما حدث الا انه لا يخبره بخبر المرأة. وبعد انتهاء حديثه يقول له الرجل: هل أعجبتك المرأة؟

فيتلعثم الشاب وينظر الي الأرض فيقول الرجل: أرفع رأسك فأنا أحللت لك كل شيء طالما تتبعني؛ والآن جاء وقت الأختبار اذا نجحت به ستكون وليي حقا وتستحق كراماتي.

فينبهر الشاب ويفرح ويقول : أنا طوع امرك

– يقول له:  اتعرف الزاهد فلان ؟

–     يرد:   نعم أعرفه.

–    إذا أذهب إليه وباغته وأقتله؛ فإنه عَقبَتك للوصول الي ما تريد!

-أقتله! كيف؟ وهل القتل يجوز؟

-قولت لك أبَحتُ لك كل شيء ولا  تسألني عن شيء؛ هذا هو اختبارك؛

والآن عد الي قريتك وعندما تنفذ ما أمرتك سيعود إليك كل شيء وستجدني هنا.

يذهب الشاب مهموما وينزل القرية ويمر بالسوق ويسأل البائع عن ثمن نوع من الطعام فينهره البائع: من أين لك بثمنه؟ وتحدث له مواقف مع كل من مر بهم بالأمس واكرموه!

فيذهب الي بيته والفكر يقتله؛

وينام ويأتيه الرجل ويقول له: أرأيت ما انت فيه كل هذا سينتهي بمجرد نجاحك في الاختبار وقتلك الشيخ، خذ هذه الريشة فيكحل عينيه منها… يستيقظ فزعا ويجد نفسه وحيدا فيخرج الي السوق،

ويستقبله بائع الطعام بما لذ وطاب دون اجر وكذا باقي البائعين.

وتستقبله سيدة فتتبعه وتترك له ذهبها وترحل بعد أن ينام معها.

–        لا …لا … لابد ان أستمر هكذا ملك زماني لا اريد الفقر مرة اخري

اني قاتله …. لكن كيف؟

………

يذهب الشاب ليلا داساً سكينًا في طيات ملابسه ويذهب الي الزاهد.

يستقبله الشيخ  حزينا ويقول: أهلا بقاتلي!

فيتلعثم الشاب: ماذا تقول ؟ كيف أكون قاتلك؟ هل جُننت؟

فيضحك الشيخ ويقول له: يا بني أنا أعلم إنك قاتلي منذ رأيتك؛ فقد رأيت ذلك في عينيك ألم تستمع الي مقولة “إتقوا فراسة المؤمن فإنه يري بنور الله”؛ ولكني أردت هدايتك ولكنك لم تُعني “ولا راد لقضاء الله  فإن الله لا يغير ما بقوم حتي  يغيروا ما بأنفسهم”.

يسود بعض الصمت ثم يردف الشيخ قائلا: ولكني أُهديك شيئا اذا أردت يوما أن تعود الي الحق والصواب عد ولا تبالي فالله يقبل التوبة  وخذ هذه القارورة وخباءها فصاحبك لن يكشفها معك فإذا أردت العودة أمسح بجزء منها علي عينيك؛والآن إني ذاهب لأتوضأ لقيام الليل فأرجو أن لا تقتلني إلا عندما أسجد فلطالما دعوت الله أن ألقاه وأنا ساجد.

جلس الشاب مهموما وذهب الشيخ ليتوضأ والشاب غارق في الفكر ولاحت أمامه النساء والاموال والذهب وبجواره الشيخ يصلي

فنظر الي الشيخ وهو ساجد فأستل سكينه وطعنه!

وهنا ظهر الرجل في الهواء

ويقول له: لقد نجحت انت عبدي حقا؛ أسجد لي ! فينفذ الشاب دون تردد

ويجلس ليجد الرجل بجواره، ويعطيه زجاجة وريشة ويقول هذه زجاجة الكرامات، كل يوم تكتحل بها وكل الكون سيكون رهن أمرك ولكن أحذر أن يعرف أحد سرك وستجدني بجوارك ولكن إذا أمرتك لابد أن تطيع في الحال دون نقاش فأنت موكل مني.

يفرح الشاب ويحمل الزجاجة وبين طيات ملابسة زجاجة الزاهد.

يكتحل الشاب ويحدث مثل كل مرة وتأتيه إحدي النساء ويدخلها غرفة وبعد أن ينام معها يخرج فيجد الرجل جالسا في صحن الدار؛ فيزعر منه  فيقول له: لا تخف ألم اقل لك إني معك.

–        هل أعجبتك المرأة ؟

–        فيبتسم الشاب بخجل …. نعم

فيفاجئة الرجل: إذهب وأقتلها!

فيتعجب الشاب في خوف ويقول: أقتلها كيف ولماذا ؟

فيرد عليه :أنت أطعتني وأخذت عهدي ولا سبيل إليك الا ان تفعل ما امرك؛ ويناوله سكينا ويذهب الرجل.

والي لقاء في الجزء الثاني:

تعريف بالمؤلف : “موسي مُهَوِسْ” ليسانس  في الآداب جامعة جنوب الوادي، باحث ماجستير  إدارة أعمال الأكاديمية البحرية للعلوم المصرفية

إقرأ أيضا:-

مصر..”الأدب الأفريقي والعالمي” في “قهوة رمضان الأدبية” بإتحاد الطلبة الافارقة بالقاهرة

كوت ديفوار .. الممثلة إيما لوهيس تؤلف كتاب من 7 فصول في أدب الأطفال

من هي “عبير إبراهيم”السودانية الوحيدة ضمن قائمة الأكثر تأثيراً في أفريقيا 2023؟

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »