اخبار افريقيا

محمود عبد المنعم القيسوني يكتب: قصص من أعماق الأمازون ( 3 )

 

دب الرعب فى قلوب أفراد قافله تيدور روزفلت مما شاهدوه من جثث ثلاث رجال قتلهم هنود الأمازون بإسلوب بشع بكل المقاييس، و هو ما دفع العقيد كارلو فرض الإسلوب والنظام العسكرى على القافلة لرفع الروح المعنوية، حيث كان كلما توقفوا للمبيت يفرض نظام حراسة محكم بالسلاح وفى الصباح كان يرفع علم البرازيل مع موسيقى عسكرية من النفير و الطبل – و قد أثمر تصميمهم الإستمرار و المثابرة على متابعة المغامر.

وبعد شهر كامل إكتشفوا نهر الشك المجهول، وكتب روزفلت يقول: أنه من اليوم تبدأ رحلتنا فى المجهول فطول هذا النهر و تضاريسه و شلالاته و موانعه من الصخور غير معروفة بالمرة و مصير نجاح هذه المغامرة من اليوم مرتبط إرتباط كامل بسلامة زوارقنا و الحفاظ عليها و بدأت عملية جرد المواد الغذائية التموينية لتوزيعها داخل الزوارق السبعة التى حملها رجال القافلة  شهر كامل على أكتافهم و كانت المفاجأه المؤلمة إكتشاف نقص واضح فى السكر و الدقيق بسبب خطأ تقديرى من العقيد كارلو والذى لم يقدر الكميات المطلوبة لمثل هذه الرحلة الطويلة و هو ما أدى لأول مرة الى إنفجار غضب روزفلت و توبيخه الشديد للعقيد فالمواد الغذائية لن تكفى غذاء رجال القافلة طوال المدة المتوقعة للرحلة.

ورغم هذا صمم روزفلت على المضى فى الرحلة و المغامرة  ويوم السابع و العشرون من شهر فبراير عام الف تسعمائة و أربعة عشرة أصبحت القافلة مكونة من روزفلت و نجله وعالم الأحياء و المصور و العقيد وتسعة عشرة رجل فقط بداوا المغامرة الفعلية على نهر الشك الى أعمق أعماق أحراش الأمازون المجهولة على سبعة زوارق خشبية طويلة ومرت عده أيام دون أى مشاكل و مساء اليوم الرابع بدأت تيارات المياه تسحب الزوارق بسرعة ملفته و تهزها بعنف  ثم سمعوا أصوات هدير المياه و هى ترتطم بالصخور بعنف و تندفع لشلالات و قد إقتنع روزفلت و كارلو أن الزوارق لن تتحمل هذه المواجهة و ستتحطم بالتأكيد و أن الحل الوحيد هو حمل الزوارق السبعة و السير على الأقدام لعبور هذا القطاع الخطر من النهر و كانت مرحلة بالغة الصعوبة و الإرهاق إستغرقت يومين كاملين و أدت بسبب الجهد الجسمانى القاسى الى إلتهام الجميع كميات أكبر من الطعام تتعدى المحدد لليوم الواحد.

136676 محمود عبد المنعم القيسوني يكتب: قصص من أعماق الأمازون ( 3 )

تم إعاده الزوارق لسطح مياه النهر مع تمني الجميع ألا يواجهوا شلالات جديده و صخور و تيارات سريعه فما هو أمامهم مجهول تماماً للجميع لكن مفاجآت النهر كانت متلاحقه و محبطه و زرعت اليأس و الخيبه فى نفوس الجميع،  فقد إضطروا العديد من المرات الخروج من النهر و حمل الزوارق و المهمات و المواد التموينية و السير وسط الأحراش بعيداً عن النهر لتفادى الإنزلاق و السقوط فى شلالاته القاسية المرتفعه، وبالتالى تحطم الزوارق وموت مؤكد لعدد من الأفراد .

وبعد ثلاثة اسابيع على سطح هذا النهر واجهوا أشد التيارات و الموانع الصخرية القاسية و هو ما دفع العقيد كارلو المطالبة العديد من المرات بخروج الجميع من النهر و حمل الزوارق على الأكتاف و السير حتى عبور قطاع هذه الشلالات و فى تصرف يائس قرر نجل روزفلت محاولة البقاء فى الزورق مع أحد رجال القافلة و خوض هذه التيارات وسط الصخور أملاً فى عبورها دون أى خسائر أو اصابات لكن الذى حدث ان الزورق إنقلب و تحطم و إبتلعت المياه الجارفة الرجل البرازيلى فى ثوانى ليختفى للأبد و معه تموين عشره أيام مواد غذائية بينما تمكن نجل روزفلت من السباحة بصعوبة بالغة للشاطىء و النجاه.

تلى ذلك عده أيام من متاعب جمة كانوا ينجزوا فى اليوم الواحد مسافة إثنين كيلومتر فقط بسبب كل هذه العقبات و التضاريس القاسية للنهر و بدئت معنويات الطاقم البرازيلى تتحطم و أخذوا يرددوا أنهم لن يخرجوا من هذه الرحله أحياء و زاد الطين بله ضبط أحد أفراد القافله و هو يسرق مواد غذائية و إندفاعه بسلاح خلف من ضبطه و قتله إياه ثم هروبه فى الغابة .

إقرأ ايضا:-

محمود عبد المنعم القيسوني يكتب:-  قصص من أعماق الأمازون ( 2 )

محمود عبد المنعم القيسوني يكتب: قصص من أعماق الأمازون   (1)

القيسوني يكشف في حوار لـ ” أفرو نيوز 24 “ : شيخ المرممين أحمد يوسف لم يكن “نجاراً بسيطاً”بل الأول علي طلبة مدرسة الفنون

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »