أخبار عاجلةالرأي

السفير عبد المحمود عبد الحليم يكتب : هل أتاك حديث انقلاب الجابون

كان الرئيس على بونجو ينظر من نافذة القصر المطل على مياة المحيط فى عاصمة الجابون ليبرفيل بأمواجه التى بدت بطيئة في سيرها ذلك الصباح وكأنها تريد أن تهمس فى أذنه بخطب جلل.

رويدا تسمع ضوضاء غير مألوفة لساكن القصر والذى يتعافى من جلطة سببت شللا لشقه الأيمن قبل أن تظهر على شاشة جابون ٢٤ الفضائية مجموعة من كبار ضباط الجيش ليعلنوا استلام السلطة والغاء نتائج الانتخابات التى أجريت مؤخرا والتى فاز فيها على بونجو لفترة ثالثة شككت المعارضة فى نتائجها وجدواها… ولعل هذه الانتخابات هى التى هيأت تواجد بونجو فى البلاد واقتياده للإقامة الجبرية وهو المعروف بكثرة وطول أسفاره وإلا لكان قد علم بخبر الانقلاب مثلما عرف كوامى نكروما الذى أطاحت بحكمه فى غانا حامية كوماسي وهو فى زيارة خارجية لبكين فأحس بحدوث أمر مربك قرأه فى وجه وكثرة تبسم وتلعثم رئيس بعثة الشرف الصينية المرافقة له قبل أن يبلغه وفد غانا بتفاصيل ماحدث. إذا كان ماحدث لنكروما عام ١٩٦٦ قد تجاوز بحساب الزمن أكثر من ستين عاما فإن عودة ذوى القبعات والقمصان الرمادية الباهتة لشوارع المدن الأفريقية ليس بالأمر الجديد بل أصبح أمر العلاقات العسكرية – المدنية مادة ثابتة لطلاب العلوم السياسية كما نال انقلاب الجابون الرقم الثامن في سلسلة الانقلابات العسكرية التى شهدتها القارة الأفريقية فى السنوات الثلاث الاخيرة.

ومثلما ملأت ظاهرة ” اليوروكومنيزم “وتولى عدة أحزاب يسارية مقاليد الأمور فى أوروبا فى سبعينات القرن الماضي ملأت الدنيا وشغلت الناس فإن تواتر الانقلابات العسكرية فى أفريقيا قد نال ولا يزال اهتماما كبيرا بل بدأت التكهنات تشير لقروب أفول عهد رؤساء مثل فوور أياديما في توجو وبول بيا فى الكاميرون واوبيانج انجيما في غينيا الاستوائية وساسو نجيسو فى الكونغو برازافيل أخذا فى الاعتبار تجربة عمر بونجو ونجله على .

وقد تعددت التحليلات لفهم حقيقة وأبعاد المشهد الأفريقى فهناك من يراه ضربة للنفوذ الفرنسي ونخبه الفاسدة بينما يراه البعض عملا لا يخلو من أصابع خارجية فى إطار صراع النفوذ والحرب الباردة الجديدة ولاحظ فريق آخر أن التأييد الواسع الذى وجدته هذه الانقلابات داخليا بما فيها انقلاب النيجر الذى تلاحظ التأييد الكاسح له شعبيا وفشل أنصار الرئيس المطاح به بازوم فى تسيير أى مظاهرة تنديد بالانقلاب أن العبرة ليست فى الاحتفاظ بشكل معين للحكم وإنما فى القدرة على تأمين السلام والتنمية والأمان للشعوب بينما يشدد البعض على الرفض المستمر للتغييرات غير الدستورية.

طوبى للمدينة الفاضلة التى وإن بحث الفلاسفة عنها وعن جمهورية أفلاطون فلسنا ببالغيها…على إننا نأمل فى السودان أن نتوافق فى النهاية على مشروع وطنى نستطيع من فرط حكمته أن نقول “جر” ‘للكلبة’ التى تريد المساس به كما تندر أحد سياسيينا المرموقين في البرلمان من قبل .. وأن ندافع عنه ونحميه.               

إقرأ المزيد

الجابون .. تسلسل زمني لردود الأفعال الدولية والإقليمية علي الانقلاب العسكري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »