أخبار عاجلةالرأي

في ذكري تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية : رامي زهدي يكتب .. مصر قلب إفريقيا النابض وعقلها الراجح وصوتها المسموع

“القارة الإفريقية وسط التحديات تحتاج إستمرار الدعم والمساندة المصرية .. وأن الدولة المصرية رغم الظروف الدولية والإقتصادية الدولية لن تنشغل عن إستمرار دورها لمساندة الأشقاء الأفارقة”

 

 

 

“تاريخ “

منذ العام 1963 وإعلان قيام منظمة الوحدة الإفريقية برعاية ودعم الأباء المؤسسين علي رأسهم الرئيس المصري جمال عبد الناصر صاحب التجربة الملهمة في القارة الإفريقية، ثم وصولاََ لتأسيس الإتحاد الإفريقي بشكله الحالي في 9 يوليو من العام 2002 وقد سبق ذلك الإعلان عن التأسيس بموافقة كل الدول الأعضاء تقريبا بمنظمة الوحدة الإفريقية في العام 1999 في اجتماع الجمعية العامة لمنظمة الوحدة الإفريقية برئاسة الرئيس الليبي أنذاك معمر القذافي فيما يعرف بإعلان ” سرت ” ، كل هذه المراحل لم تتخلي فيها الإدارات المصرية المتعاقبة عن دعم ومساندة الأشقاء الأفارقة، ربما تباينت درجات الدعم والمساندة وتشاركية العلاقات المصرية الإفريقية إلا إنها إستمرت دون إنقطاع، وبقيت مؤسسات الدولة المصرية المختلفة تعي دائما مكان ومكانة مصر الإفريقية وماذا تمثل إفريقيا لمصر وماذا تمثل مصر لإفريقيا، منذ الجمهورية الأولي، الرئيس محمد نجيب الذي أدرك إفريقية مصر جيدا، ثم الرئيس جمال عبد الناصر صاحب البصمة الذهبية المؤثرة في علاقات مصر بإفريقيا ، وقد دعمت مصر وقتها حركات التحرر والتخلص من الإستعمار وقيام كيان إفريقي قوي كان وقتها تحت اسم وشكل منظمة الوحدة الإفريقية، ثم جاء الرئيس محمد أنور السادات الذي لم يسعفه الوقت والظروف كثيرا للتأثير القوي في القارة الإفريقية لأسباب متعددة منها ظروف حرب التحرير وماتلاها من ظروف سياسية أيضا بالمقارنة نسبياََ بقصر مدة حكمه بالنسبة للرئيسين التالي والسابق له، لكن حتي في وقت إنشغال مصر بالحرب لم تتخلي المؤسسات المصرية منفردة ومجتمعة عن التعاون الدائم والدعم للأشقاء الأفارقة.

ثم الرئيس محمد حسني مبارك الذي أدار العلاقات المصرية الإفريقية بشكل متوازن شابه بعض الفتور في فترات مختلفة من حكمه لكن ظلت مصر هي مصر قلب إفريقيا النابض، وعقلها الراجح وصوتها المسموع، ثم مرت أحداث سياسية كبيرة ومؤثرة في مصر منذ العام 2011 حتي العام 2014 ، وبالتأكيد تجمدت كثيرا من الدماء في شرايين العلاقات المصرية الإفريقية ، وإن ظلت المؤسسات المصرية صامدة مدافعة عن مصر الإفريقية خاصة وزارات الخارجية، الزراعة، الري والموارد المائية بالإضافة للأجهزة المصرية الأخري، لم تفقد أبدا هذه المؤسسات خطوط التماس والتواصل مع القارة الإفريقية.

“القائد الإفريقي عبد الفتاح السيسي”

47449184 303 في ذكري تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية : رامي زهدي يكتب .. مصر قلب إفريقيا النابض وعقلها الراجح وصوتها المسموع

مع منتصف العام 2014 ظهر الرئيس عبد الفتاح السيسي كرئيساََ رسميا للدولة المصرية، وكان قد سبق ذلك توليه وزارة الدفاع المصرية، وينسب إليه عودة الدولة المصرية الي المصريين في العام 2013، ومنذ توليه المسؤولية الثقيلة بدا أن الرئيس السيسي يمتلك أدوات وفكر مختلف، كان قد سبق ذلك تعديل الدستور المصري والتأكيد في نسخته المعدلة علي إفريقية مصر.

الرئيس عبد الفتاح السيسي غير كثيرا من أدوات التواصل مع القارة الإفريقية، ونجح فيما فشل فيه بعض سابقيه، وإمتلك تأثيرا فعالا في العمل الإفريقي، ربما كانت أحدي أدوات الرئيس في إفريقيا منذ البداية وحتي الأن هي الواقعية الشديدة ونجاحه في الدولة المصرية وفي إدارة تجربة تنموية ملهمة وبالتالي عندما يحاول الآن نقل التجربة المصرية الملهمة للقارة الإفريقية فهو بالتأكيد سوف ينجح لأنه يقدم لهم خلاصة التجربة المصرية الناجحة، وهو بذلك قد تخطي حدود الخطط الي حدود الواقع علي الأرض.

إستطاع الرئيس السيسي عبر سنوات أن يقتحم مشكلات افريقية خطيرة، وتعامل مع جذوز المشكلات، لا مع الظواهر، بل نقل الدعم المصري من شكله العيني المؤقت الي الدعم الإستراتيچي الممنهج الدائم والمستمر، نقل تجارب هامة لإفريقيا منها تجربة علاج الامراض المستوطنة مثل فيروس سي ودعم صحة المرأة والطفل وإكتشاف وعلاج الأمراض الكامنة، عبر برامج مالية وتنظيمية قوية، وتحديث استخدام الرقمنة والتحول الإلكتروني لحصر وعلاج الحالات المستحقة، نقل أيضا تجارب مصر في توطين الصناعات الهامة والإستراتيچية وإدارة ملف دمج الإقتصاد المصري في الإقتصاد الإفريقي ودمج الإقتصاد الإفريقي في الإقتصاد العالمي.

كذلك مشروعات البنية التحتية ومشروعات النقل ، فقد آمن الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ البداية بأن البنية التحتية مفتاح التنمية بالتوازي مع بنية قوية علاجية وتعليمية وثقافية، بالتوازي مع كل هذا حرصت مصر علي بذل ودعم وتبني كل الجهود ذات الصلة بإحلال الأمن والسلم في القارة الإفريقية، وأنه لا تنمية ولا تطور إلا بأمن وسلم فعال،

وبقيت التجربة المصرية في مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف واضحة للجميع، وحرصت الإدارة المصرية دائما علي التعاون الأمني والإستخباراتي ودعم القدرات العسكرية المؤسسية لكل الدول الإفريقية.

ومن العلامات الفارقة في تطور إدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للملف الإفريقي هي عدم تعامل مصر مع إفريقيا كمشمول عام، بلغت تعاملت مصر مع جميع الدول الإفريقية وحرصت مصر علي تفهم الإحتياجات والقدرات والإمكانيات المختلفة لكل دولة إفريقية بشكل مختلف من دولة لدولة وربما من اقليم لآخر داخل الدولة الواحدة.

نقل الخبرات في مجال الطاقة

ملفات نقل الخبرات في مجالات الطاقة التقليدية والطاقة البديلة والمتجددة حظيت بمكان هام في العقيدة الإفريقية للدولة المصرية، حيث أدركت مصر دائما أن رفع الكفاءة والقدرات للعنصر البشري الإفريقي والتدريب والتطوير أحد أهم أدوات تحقيق التنمية المستدامة.

كما حرصت مصر علي تقديم الدعم المباشر سواء غذائي، طبي أو لوچيستي دائم للأشقاء الأفارقة.

المشكلات المزمنة

كذلك مصر دائما، تخوض في صميم الأزمات الإفريقية والمشكلات المزمنة التي لم يستطيع آخرون أن يتقدموا في مثلها، منها قضايا الديون الإفريقية وتراكم فوائد وخدمة الديون علي معظم الدول الإفريقية وكذلك قضية عدم توافر الدعم الصحي لمواجهة الأوبئة في القارة الإفريقية ومشكلة الأمن الغذائي والطاقي والصحي في القارة الإفريقية، كلها مشكلات واجهتها الدولة المصرية من المنبع ووضعتها مصر علي كل موائد التفاوض العالمية، كذلك دعمت مصر القارة الإفريقية خلال أزمة جائحة كورونا، أثناء الأزمة وبعدها خاصة وأن افريقيا عانت كثيرا خلال الأزمة ولم يدافع عن حقوق افريقيا إلا مصر وعدد غير كثير من دول العالم، ودعمت مصر حقوق أفريقيا في اللقاح وفي أجهزة التنفس والخدمات الطبية، كذلك دعمت مصر افريقيا في مواجهة تحديات ما بعض الجائحة، خاصة وقد أثرت الجائحة علي القدرات الإقتصادية والمجتمعية للدول الإفريقية التي عجزت عدد منها عن مواجهة تبعات الأزمة وعانت ميزانيات وموازنات الدول الإفريقية من آثار التعاطي مع الأزمة سواء اقتصاديا او مجتمعيا.

الإقتصاد الأخضر

وعلي مستوي الإقتصاد الأخضر، والأزرق والأصفر وقضايا المناخ، دعمت مصر دول القارة، بينما علي مستوي مؤسسات الإتحاد الإفريقي، أولا دعمت مصر آليات عمل الإتحاد الإفريقي وترأست الإتحاد في العام 2019 وأطلقت مبادرات عدة منها مبادرة ” اسكات البنادق ” ، واستمر مصر من رئاسة الي أخري تدعم كل الدول التي ترأست الإتحاد الإفريقي ومازالت مصر تترأس عدد من المؤسسات مثل الكوميسا، أيكاو للتعاون المائي ومؤسسات ذات الصلة بالشراكات من أجل التنمية ومجالس الأمن والسلم بالقارة، ونجحت مصر في الإدارة المحترفة لكل هذه المنظمات ودائما ما كانت مصر تستعد جيدا قبل أي رئاسة بوضع الخطط والأهداف الواقعية والمطابقة للإحتياج والحالة الإفريقية الخاصة.

الاتفاقيات التجارية

علي مستوي دعم الاتفاقيات التجارية وأبرزها إتفاقية التجارة الحرة القارية حرصت مصر علي دعم كل الإجراءات ذات الصلة بتعميق التجارة البنية ودعم حركة الأفراد داخل القارة الإفريقية وكذلك دعم الطرق بين الدول وخطوط ربط السكك الحديدية وتطوير ورقمنة الموانئ وربطها بنقاط دعم لوچسيتي كذلك مشاريع الربط بين المجاري المائية والموانئ.

وكذلك دعمت مصر الدول الإفريقية في مجالات مواجهة مشكلات ومخاطر الشح المائي، الفيضانات ومشكلات الأمطار والسيول وكذلك مراكز التنبوء بالفيضانات.

وفي مجالات دعم الثروات الزراعية والرعوية ومقاومة الآفات الزراعية والأمراض الوبائية حرصت مصر دائما علي تقديم كل خبراتها وامكانياتها لصالح الدول الإفريقية ولم يقتصر الدعم المصري علي دول حوض النيل فقط، ولكن اتسع نطاق الشراكة ليشمل كل ربوع القارة بكافة نطاقتها الجغرافية.

“مصر غيرت الفكر الإفريقي في التعاون مع العالم وحولت إفريقيا من أداة تفاوض لطرف أصيل في كل تفاوض”

من الأمور المؤثرة جدا والإيجابية التي قدمتها مصر للقارة الإفريقية في الأعوام الثمانية الأخيرة، كانت تغيير العقيدة التفاوضية الإفريقية وشكل التعاون الثنائي بين الدول الإفريقية والعالم والعمل علي علاقات تشاركية متكافئة مبنية علي الندية والإحترام والمصالح الثنائية المتعادلة، وتحويل أفريقيا لطرف تفاوضي قوي وليست أداة في يد كل مفاوض من القوي الدولية، مصر إستطاعت ان تبرز للعالم ان افريقيا واحدة بينما القوي العالمية المتنافسة علي التعاون مع القارة الإفريقية متعددة، وبالتالي تقدم افريقيا نفسها للعالم وهي تمتلك بدائل عن الجميع، بينما لايمتلك العالم أي بدائل عن افريقيا، وبالتالي حرصت مصر علي دعم سيادة وحرية الإرادة الإفريقية في اختيار شكل التحالف وهوية الأصدقاء والمتحالفين مع القارة الإفريقية دون ابتزاز او هيمنة علي إرادة الدول الإفريقية.

“لماذا تحتاج إفريقيا الأن للطمئنة، أن مصر مستمرة في جهودها لصالح القارة؟”

 

لأن العالم الأن في مراحل متقدمة من الصراعات الإستراتيچية والإقتصادية وحتي العسكرية، ولأن مصر مثلها مثل دول العالم أجمع تواجه تحديات كبيرة، ربما يتسرب قلق البعض ان مصر قد تنشغل ذاتياََ عن القارة الإفريقية، الا ان الثوابت المصرية في شراكتها مع القارة الإفريقية لم ولن تتأثر بأي تحديات، ولأسباب تاريخية واستراتيچية متعددة لايمكن فصل مصر عن افريقيا وافريقيا عن مصر… في النهاية تحيا مصر، تحيا افريقيا، تحيا مصر بإفريقيا وتحيا إفريقيا بمصر.

تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية في ذكري تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية : رامي زهدي يكتب .. مصر قلب إفريقيا النابض وعقلها الراجح وصوتها المسموع

* رامي زهدي الخبير في الشؤون الأفريقية والسياسية والاقتصادية 

إقرأ المزيد

 في ذكري تأسيس « منظمة الوحدة الإفريقية» : رحلة القارة من القضاء على الاستعمار والتبعية إلي أفريقيا التي نريد 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »