أخبار عاجلةالرأي

رامي زهدي يكتب : منطقة التجارة الحرة الإفريقية .. الحلم  يمضى فى طريق يقين التحقيق

“القارة الإفريقية ينتظرها مستقبل أفضل فى ظل الإقتراب من تفعيل كامل لمنطقة التجارة الحرة القارية الشاملة”

 

بدا  أخيرا أن حلم القارة الإفريقية بات قريب التحقيق , الحلم بمسار حقيقي لتكامل إفريقى متكامل لدعم أطر التجارة البينية الإفريقية وظهور مبهر لسلاسل إمداد وتموين قارية محلية , تديرها عقول وأيادى الأفارقة وترفع بها القارة من ثقلها وتأثيرها الإقتصادى فى العالم, معدلات تدفق مضاعفة للمنتجات الإفريقية نهائية الصنع أو عوامل الإنتاج والمواد الخام الأولية سواء المعدنية أو النفطية او الغذائية والدوائية وكذلك تجارة الخدمات والتجارة الرقمية , جهود مصرية قوية خاصة مع تعميق عقيدة وأداء مصر الإفريقي بدءا من العام 2014 , عندما بدأت مصر فى تحرك واقعى ملموس ومؤثر بإدراك قوى لمشكلات  وقدرات وإحتياجات القارة الإفريقية.

“قرار رئاسى مصرى داعم”

جهود مصرية سياسية واقتصادية داعمة عبر سنوات , وتواصل مصرى أفريقي مع كافة الأطراف الفاعلة , بالتوازى مع أصلاحات تشريعية وقانونية لدعم فرص تطبيق الإتفاقية , وصولا للقرار الرئاسى المصري رقم 212 لسنة 2023 بشأن نشر قوائم التخفيضات الجمركية وكذلك توصيف إطار التعريفات للسلع والبضائع والخدمات وعوامل الإنتاج الوسيطة والملاحق الخاصة بإتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية , وجاء القرار المصرى بارادة قوية تؤشر وعنوان على الإلتزام السياسى المصرى بتنفيذ الإتفاقية وهو مايدفع فى إطار حث كافة الدول الإفريقية للتحرك على النحو ذاته.

“التوقيت”

القرار المصرى الداعم يأتى فى ظل ظروف صعبة , تزداد صعوبة يوما بعد آخر , وتحديات جمة منها ما هو من داخل القارة ذاتها ومنها ما هو خارج عن إرادة وتحكم دول القارة ، وبالتوازى مع مخرجات القمة الإفريقية الأخيرة فى فبراير من العام الحالى والتى كان موضوعها الأساسى “نحو مزيدا من الإجراءات لسرعة تطبيق الإتفاقية التجارية الحرة القارية” , وكذلك القمة التنسيقية النصف سنوية لمنتصف العام للإتحاد الإفريقي والتى عقدت تحت إطار نفس الموضوع فى منتصف شهر يوليو 2023, التحرك المصرى للإسراع نحو تطبيق الإتفاقية يأتى فى صالح دعم وتعزيز العلاقات والتكامل والقدرة التنافسية والإستدامة لجهود التنمية الإفريقية , وكذلك دعم القيمة المضافة للمنتج الإفريقي مما ينعكس على دخل دول القارة وأفرادها على مستويات الدخل الشخصى.

“الإتفاقية”

إتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية فور تمام تطبيقها , سوف تصبح الإتفاقية ومنطقة التجارة الأكبر فى العالم حيث تخدم حوالى 1,4 مليار نسمة , ومساحة جغرافية تقدر بحوالى 30,8 مليون كيلو متر مربع تكفى أن تشمل كل الأنشطة الإقتصادية فى العالم سواء الصناعية , الزراعية , الرعوية , التعدينية , وكذلك الخدمات والتجارة الرقمية , وبإجمالى نتاج محلى للدول الأعضاء وهم 54 دولة يمثلون 3,4 تريليون دولار أمريكى .

“مخطط التنفيذ للإتفاقية”

تخفيض التعريفة الجمركية على 90% من السلع والبضائع وعوامل الإنتاج والخدمات وصولا حتى الإلغاء الكامل فى خلال 5 أعوام لكل دول القارة ذات الإقتصاديات الإفريقية الناشئة القوية فيما عدا الدول الأقل نموا يتم منحها 10 أعوام بدلا من 5 أعوام لتوفيق الأوضاع, وكذلك تقليل الحواجز أمام تجارة الخدمات فى أفريقيا أتفاقا مع اتفاق أبوجا الذى يهدف بتأسيس الجماعة الإقتصادية الإفريقية بحلول العام 2028 والتى ستكون النموذج الأكثر توافقا مع فكرة وتطبيق وتنفيذ سوق أفريقية متكاملة.

“واقع غير جيد لحجم التجارة البينية الإفريقية”

الأرقام الإفريقية أقل من المأمول ولاتتفق مع الأهداف وفى مجملها لا تتوافق مع الإمكانيات الإفريقية الهائلة , حيث تصل معدلات التجارة البينية الى 18 % بين الدول الإفريقية بينما تترواح مابين 50-70% ما بين أفريقيا والدول الأسيوية والأوروبية, وتأمل دول القارة فى رفع مستوى التجارة البينية إلى 25% على الأقل بحلول العام 2034.

“مراحل”

بدأت الإتفاقية بحلم بدا انه صعب التحقيق أو مستحيل فى ذات الوقت , ثم مفاوضات وجهود مستمرة متصاعدة فى ظل ظروف صعبة ضد التوافق خاصة مع عدم وحدة القرار الإفريقي فى ذات الوقت , اتساع القارة من حيث المساحات وعدد الدول , فى مارس 2018 نجحت أخيرا 44 دولة كان فى مقدمتهم مصر فى التوقيع على الإتفاقية التى دخلت حيز التنفيذ فعليا فى العام 2019 بجهود مصرية مقدرة من الجميع , وخاصة أن مصر فى ذات الوقت كانت رئيس للإتحاد الإفريقي ، فى يوليو 2019 تم اطلاق المرحلة القارية التشغيلية , وفى ديسمبر 2020 وصل عدد الدول الموقعة على الإتفاقية الى 54 هم قوام اجمالى عدد دول الاقارة الإفريقية , وقامت بالفعل 34 دولة بتقديم وثيقة رسمية بالتصديق على الإتفاقية , بينما قدمت 41 دولة بالإضافة لعدد من الإتحادات الجمركية لائحتها التعريفية الجمركية, فى فبراير 2020 , بدأت مبادرة التجارة الموجهة لمنطقة التجارة بعدد 8 دول كتنفيذ مؤقت تجريبى للإتفاقية.

“أهداف وتطلعات”

حرية حركة الأفراد داخل القارة لأغراض العمل , التوظيف , الإستثمار , السياحة والعلاج فى اطار هدف أقتصادى يشمل دفع القارة نحو تحقيق طموحها الإقتصادى , وتطلع نحو تأسيس كيانات افريقية اقتصادية قوية فاعلة مثل الجماعة الإقتصادية الإفريقية , الإتحاد الإفريقي الجمركى , والإتحاد النقدى الإفريقي, نحو أمال بتوفير أكثر من 18 مليون وظيفة جديدة , وخروج أكثر من 50 مليون أفريقي وأفريقية من دائرة الفقر المدقع, وتوقعات بزيادة الأجور بنسبة 11.2% بحلول العام2035, وتحفيز للتصينع المحلى وهيكل القطاعات الإنتاجية الإفريقية.

 

“مصر والإتفاقية”

مصر الدولة الأبرز والأكثر توقعا لإحداث تأثير كبير يمهد لمزيد من التكامل والتعاون فى القارة الإفريقية فى ظل هذه الإتفاقية ومثلها من اتفاقيات متوقع لها الظهور لتعزيز العمل الإفريقي الإقتصادى التكاملى .

مصر هى الأعلى على مستوى الأداء التكاملى الإفريقي وفقا لمؤشر التكامل الإفريقي الصادر عن بنك التنمية الإفريقي, بتطبيق فعال للإتفاقية , تتوقع مصر سوق أوسع وأشمل لبضائعها نهائية الصنع وعوامل الإنتاج والسلع الوسيطة المصرية, وحصول مصر على امداد منتظم لخامات وسلع وسيطة افريقية مما يدعم القطاعات الصناعية المصرية ويؤثر على التكلفة التصنيعية وبالتالى ينعكس على مستويات دخل الأفراد والدولة, كما ان تطبيق الإتفاقية وبخلاف دعهم لحجم التجارة البينية المصرية الإفريقية الذى وصل الى 7.5 مليار دولار فى العام 2022, فإن تطبيق الإتفاقية ايضا يدعم الإستثمار المصرى فى القارة والإفريقي فى مصر ويدعم زيادة مشاركة مصر فى المشروعات فى القارة الإفريقية.

“تحديات يمكن تجاوزها”

يمثل تراجع البنى التحتية والأمنية داخل الدول الإفريقية وبين بعضها البعض تحدى كبير لنجاح تطبيق الإتفاقية بالإضافة لتعدد بؤر الصراعات والنزاعات المسلحة غياب الأمن والسلم والإستقرار فى نطاقات جغرافية كبيرة فى القارة منها مثلا منطقة الساحل والصحراء , شرق القارة , وبعض النطاقات الجغرافية فى وسط وجنوب القارة, كذلك إختلاف التشريعات والقانون التجارى مابين الدول , واختلافات التعريفات الإقتصادية للسلع والبضائع والخدمات , كذلك أختلاف قدرات وامكانيات الدول واعتماد بعض الدول على العوائد الجمركية فى تدبير إنفاقها الحكومى ولدعم عمليات التنمية , تراجع أمكانيات الشحن , النقل والتخزين فى عدد غير قليل من دول القارة بالإضافة لتراجع عمليات التحول الرقمى والخدمات الإلكترونية, وبقى تحدى أخير وهو منافسة السلع والخدمات من خارج القارة لنظيرتها فى القارة سواء من حيث التطور , السعر , والجودة.

 

* رامى زهدى .. خبير في الشؤون الأفريقية 

إقرأ المزيد

رامي زهدي يكتب .. هل يصل مد (بريكس) المتنامي للقارة الإفريقية؟ 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »