أخبار عاجلةاخبار افريقياالسودان

ما بين مؤيد ومعارض .. جدل حول معسكرات تدريب النساء علي حمل السلاح في السودان

 نساء يؤكدن ل ” أفرو نيوز 24 ” أن حمل السلاح رغبة في الدفاع عن النفس من اغتصاب الميليشيا .. وخبراء يرون فيه اجبارا يعرض النساء لخطر القتال

 

 

القاهرة- صباح موسي

فيما وصف أنه استجابة لدعوات أطلقها رئيس مجلس السيادة الإنتقالي في السودان وقائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، لأبناء الشعب السوداني للمشاركة في التصدي للانتهاكات والجرائم التي ترتكبها قوات الدعم السريع، انخرطت مجموعات من النساء السودانيات في معسكرات مخصصة للتدريب على استخدام الأسلحة، ما فرض تساؤلات مهمة حول مسؤولية الجيش السوداني في حماية المرأة من العنف الجسدي، ومن خطورة الحرب على النساء، إلى حد الاتهامات بجر النساء إلى مستنقع الحرب، ما أدى إلى انقسام في المجتمع السوداني ما بين مؤيد ومعارض للفكرة.

وبالرغم من عدم وجود إعلان رسمي من القوات المسلحة السودانية عن فتح معسكرات خاصة لتدريب نساء السودان علي حمل السلاح ، حيث اقتصر الأمر علي تقارير إعلامية كشفتها عدد من وسائل الإعلام المحلية والدولية ، ” أفرو نيوز 24 ” تبحث في هذا التقرير أسباب ومآلات إقبال عدد كبير من النساء السودانيات علي حمل السلاح بالبلاد  .

بداية التدريب

بعد الدعوة التي أطلقها الفريق البرهان شهدت ولاية نهر النيل في أغسطس الماضي، ضربة البداية لمعسكرات تدريب النساء والفتيات على الفنون القتالية، قبل أن تلحق بها ولايات البحر الأحمر وكسلا، وكذلك ولاية النيل الأزرق، بالإضافة إلى الولاية الشمالية، وذلك بعد اجتياح ميليشيا الدعم السريع لولاية الجزيرة في ديسمبر الماضي، والتي تعتبر مفتاحا لدخول كل الولايات السابقة، وتصاعدت معدلات إقبال النساء على تلك المعسكرات بعد اجتياح الجزيرة، والتحقت فتيات سودانيات في أعمار متفاوتة، ونساء في أعمار متقدمة تصل إلى الخمسين عاما، بمعسكرات التدريب العسكري بدوافع متعددة، وذلك بعد الإنتهاكات الواسعة لميليشيا الدعم السريع في الولايات التي سيطرت عليها من اغتصاب واختطاف، لدرجة بيع النساء في أسواق للنخاسة بدارفور.

 

مسؤولية الجيش

البعض ربط استنفار النساء في الحرب في السودان بعهد الحركة الاسلامية ابان حرب الجنوب بما كان يعرف وقتها بـ”الدفاع الشعبي”، وقالت ناشطة سوانية في مجال حقوق المرأة رفضت الإفصاح عن نفسها لـ ” أفرو نيوز 24″ إن التجنيد في زمن النظام السابق في الحرب مع الجنوب كان اجباريا لكل الموظفات العاملات بالدولة، مضيفة وقتها خضعن لتدريب عسكري، وكن يرتدين لبس الجيش وكان وقتها يسمى بـ “لبس خمسة”،كما لفتت إلى أن الدكتورة مريم الصادق نائب رئيس حزب الأمة القومي السوداني كانت تقاتل أيضا في صفوف قوات جيش حزبها “تهتدون” زمن التجمع الوطني الديمقراطي المعارض للبشير، مؤكدة أن الحماية مسؤولية الجيش ولا يمكن أن تقع على عاتق المدنيين، متهمة الجيش بارتكاب انتهاكات هو الآخر، وقالت صحيح أن أغلب الانتهاكات تقع على عاتق الدعم السريع، لكن تظل مسؤولية الجيش حماية المدنيين وخصوصا النساء، مستدركة في الوقت نفسه أن هؤلاء النساء قد يكون خيارهن التدريب وحماية أنفسهن، وأنا لا أستطيع أن أحكم على هذه الطريقة التي يرونها مناسبة، بعد فظائع الدعم السريع في ولايات الخرطوم والجزيرة ودارفور، وقد يكون هذا خيارهن.

استجابة للنداء

في المقابل تؤكد “سارة إبراهيم” أحد اللائي دخلن معسكرات التدريب في السودان أن الحديث عن سيطرة قادة النظام السابق على هذه المعسكرات يفتقر إلى الصحة.

وقالت سارة لـ ” أفرو نيوز24″ إن الفكرة جاءت استجابة لنداء أطلقه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الذي يملك موقفا واضحا ضد النظام السابق، مضيفة أن عمليات التدريب يشرف عليها ضباط من الجيش، وليس لحزب المؤتمر الوطني أو الحركة الإسلامية أي علاقة بها، وحتى اللائي ينتمين إلى النظام السابق فهن يشاركن ضمن الأخريات.

وتابعت ” أنا لست سياسية ولا أنتمي لأي حزب، وما نقوم به الهدف منه حماية الفتيات من التعديات، والانتهاكات، مؤكدة أن من يرفضون هذه المعسكرات يدعمون مليشيا الدعم السريع.

الأكثر تضررا

من جانبها أكدت “هانم آدم” صحفية مهتمة بقضايا المرأة أن المرأة في السودان تعاني من اشكاليات كبيرة جدا حتى من قبل الحرب الحالية، وأن المرأة الأكثر تضررا من الحرب.

وقالت هانم لـ ” أفرو نيوز24″ إن المرأة أيضا متضررة من الحرب الآن، وأنها المسؤولة عن بيتها ورعاية أبنائها، ومن الصعوبة أن ندعو النساء للتسليح للدفاع عن أنفسهن، مضيفة يمكن أن تتم توعية المرأة في الدفاع عن نفسها من الهجوم وحماية نفسها من الإغتصاب، ولكن ليس في التدريب على حمل السلاح، لأن به خطورة كبيرة عليها، متسائلة كيف نطلب من المرأة أن تحمي نفسها في ظل الضغوط الكبيرة عليها، لافتة إلى وجود تقارير دولية عن احداث مجاعة كبيرة بالبلاد، فكيف للمرأة أن نطالبها بدور غير دورها الأساسي في تأمين أسرتها، موضحة أن هناك تقارير من الأمم المتحدة تشير إلى أن هناك 167 الف إمرأة حامل متعرضات للجوع والعطش وعدم الرعاية الصحية في ظروف إنسانية بالغة التعقيد، وكذلك الأطفال الذين تعرضوا لسوء تغذية جراء الحرب، مؤكدة أن المرأة والطفل هي الفئة الهشة الأكثر تضررا من الحرب.

وقالت”  يجب أن يتم توعية المرأة في مجابهة هذه الظروف، وليس بتعريضها لخطورة القتال، وتابعت أن حمل السلاح لكل أفراد الأسرة سيواجه اشكالية كبيرة في جمعه فيما بعد الحرب، مشيرة إلى أن نقابة الأطباء أعلنت دعوة لتقديم دعم للمستشفيات، وقالت يجب أن نضع صحة المرأة في الأولوية حتى تستطيع أن تقدم خدمة للجميع، وأن حمل السلاح ليس هو الحل.

فرض عين

وردت “إقبال عبد الله” على حديث “هانم” قائلة إن الدفاع عن النفس من وحشية ميليشيا الدعم السريع أهم بكثير من أي شئ.

وأضافت إقبال -وهي مواطنة من ولاية القضارف- لـ ” أفرو نيوز24″ بعد الإنتهاكات الواسعة التي سمعناها ورأيناه من قبل الميليشيا، ينبغي علينا جميعا التدريب على حمل السلاح للدفاع عن أنفسنا، مؤكدة أن حماية النفس والدفاع عن الشرف والعرض يأتي أولوية قصوى عن أي شئ آخر، وقالت لكي أرعى أسرتي وأحميها، يجب علي أولا أن أدافع عن نفسي وشرفي، لافتة أن الحرب هذه المرة مختلفة عن الحروب السابقة بالبلاد، وتابعت الميليشيا تقتحم بيوتنا وتقتل أبنائنا وتسلب ممتلكاتنا وتغتصبنا، وبالضرورة علينا جميعا أن نتدرب على حمل السلاح في ظل هذه الظروف الصعبة، مؤكدة أن أقاويل أن فكرة التسليح تعود إلى فلول النظام السابق ما هي إلا فزاعة أخرى من فزاعات الميليشيا وأتباعها، واعتبرت اقبال أن حمل السلاح لمساعدة الجيش في هذه الحرب واجب وطني وفرض عين لا يجب التخلي عنه.

حماية أنفسهن

في الوقت نفسه أرجع كثير من النساء اللائي انخرطن في هذه المعسكرات سبب انخراطهن في معسكرات التدريب بولاية نهر النيل، إلى الرغبة في حماية أنفسهن من تعديات ميليشيا الدعم السريع، وقال عدد منهم لـ “أفرو نيوز24” إن ما لحق بكثير من الفتيات في الخرطوم وفي مدينة ود مدني بولاية الجزيرة، من تعديات وانتهاكات وصلت حد الاغتصاب، دفعهن إلى تعلم الفنون القتالية للدفاع عن النفس، خاصة مع تصاعد التصريحات التي يطلقها قادة الدعم السريع عن نيتهم مهاجمة ولاية نهر النيل.

التعرض للعنف

كما تؤكد “اشراقة سيد محمود” رئيسة الحزب الإتحادي الديمقراطي السوداني أن معسكرات النساء للتدريب العسكري سببها التفكير أساسا في الدفاع عن النفس .

وقالت محمود لـ ” أفرو نيوز24″ إن السبب في تدريب النساء عسكريا، جاء نتيجة لتعرض النساء للعنف الكبير في هذه الحرب خاصة العنف الجنس، وارتكاب مليشيا الدعم السريع لجرائم كثيرة ضد النساء، مضيفة في رأيى من المهم أن تتدرب المرأة للدفاع عن نفسها في ظل اقتحام المدن ودخول البيوت، معتبرة أن الحرب في السودان ليست حرب بين جيشين نظاميين في معسكرات أو مياديين قتال، وإنما هي حرب اجتياح من قبل المليشيا للمدن والقرى ونهب الممتلكات ودخول البيوت والإعتداء على النساء والأطفال، لذلك قامت المقاومة الشعبية التي من ضمنها تدريب النساء على السلاح، و تابعت بالطبع هناك خطورة اذا دخلت النساء في الهجوم وواجهت أسلحة ثقيلة، لكن هو للضرورة والدفاع عن النفس، حتى اذا واجهت إعتداء في الشارع أو المنزل على الأقل تقوم بالدفاع عن نفسها، ولاتقع ضحية للاعتداء، مشيرة إلى الأعداد الكبيرة من النساء اللائي قتلن واغتصبن، وقالت إن هناك أسيرات يتم بيعهن في أسواق في دارفور، مؤكدة أن هناك مآسي كثيرة حدثت وعلى النساء الدفاع عن أنفسهن.

دعم الجيش

وتقول إحدى المشرفات على عمليات حصر النساء وحثهن على المشاركة في التدريب لـ ” أفرو نيوز24″، إن الجرعات التدريبية في معسكرات التدريب لا تقتصر على الفنون القتالية فحسب، بل تتعداها إلى تدريب الفتيات والنساء على رفع الوعي وسط المواطنين بأهمية دعم الجيش الرسمي للبلاد في حربه على الدعم السريع، مضيفة أن النساء والفتيات يحصلن أيضا على تدريبات عن مجالات تقديم الإسناد إلى مقاتلي الجيش السوداني، سواء بالمشاركة في تجهيز الطعام أو علاج الجرحى والمصابين وما إلى ذلك، وتابعت نحن نطمح إلى مشاركة النساء فعليا في عمليات القتال في الصفوف الأمامية، وليس الاكتفاء بتقديم الإسناد للجيش، أو الدفاع عن النفس عن أي تعديات أو انتهاكات محتملة.

الولاء للأبناء

وبحسب شبكة “سكاي نيوز” البريطانية، فإن دوافع النساء من الالتحاق بالتدريبات القتالية مختلفة، فبعضهن أتين من منطلق الولاء لأبنائهم وآبائهم المجندين الذين ينتشرون في كافة أنحاء البلاد وسط استمرار الحرب، وبعضهن أتى في إطار الدفاع عن النفس، ونقلت الشبكة عن متدربة في أحد المعسكرات بمدينة بورتسودان الساحلية في شرق السودان، قولها حجم الاغتصاب لا يمكن تصوره، مضيفة لقد التقينا بفتيات في هذه المعسكرات تعرضن للاغتصاب، ولدي 3 فتيات وأنا هنا للدفاع عنهن وعن نفسي.

خطر كبير

أما الدكتورة “سارة أبو” الناشطة والباحثة الإجتماعية السودانية فترى ضرورة مشاركة النساء في كل شئ من اتخاذ القرار وصنعه وفي الحرب أيضا.

وقالت أبو لـ ” أفرو نيوز24″ صحيح أنا مع مشاركة النساء في الحرب للدفاع عن نفسها، لكن شرط أن تكون كادر نظامي في الجيش من قبل الحرب، مضيفة أن تجنيد النساء في هذا التوقيت وهذه الظروف يمثل خطرا كبيرا، وتابعت لابد أن تتدرب المرأة في الظروف العادية في الخدمة الوطنية، مؤكدة أن هناك فرق بين الخدمة الوطنية والإلزامية، وقالت أنا ضد هذا التدريب في هذا التوقيت، وأن الحرب لها أصول وقوانين عطلتها المعارك الدائرة .

وتابعت ” أن الخدمة الوطنية تجعل المرأة جاهزة تماما للحرب، لكن أن تؤخذ عنوة بشكل إجباري فهذا سلوك غير إنساني، لافتة إلى أن الدخول في مثل هذه التدريبات وظيفة اختيارية، وإلى أنها يجب أن تكون في إطار خدمة وطنية، وقالت لا يمكن أن نعرض أي شخص للخطر سواء كان رجل أم امرأة، متسائلة لماذا ندرب النساء وللدفاع عن من ؟ .

وقالت ” الجيش نفسه لم يواجه صعوبات في المواجهة، ومازالت الأمور غير واضحة في الحرب، واعتبرت أن مسؤولية الحماية تقع على عاتق الجيش وعدم تعريض النساء للخطر، وأن تدريب النساء في الوقت الراهن يعرضهن لخطورة كبيرة.

العنف الجنسي

يذكر أنه وفق أرقام الأمم المتحدة، أدى الصراع بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع إلى مقتل أكثر من 12 ألف شخص، وأجبر أكثر من 7 ملايين على الفرار من منازلهم، بينهم 1.5 مليون لجأوا إلى تشاد ومصر وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا، وفي سبتمبر الماضي أعرب عدد من أعضاء مجلس الأمن الدولي عن القلق البالغ بشأن الوضع الخطير للنساء والفتيات في السودان في ظل إنتشار العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس، وأشار الأعضاء إلى أن الصراع الدائر في السودان أدى إلى زيادة مقلقة لحالات العنف الجنسي المرتبط بالصراع، بما في ذلك الإغتصاب الجماعي والعبودية الجنسية و الاختطاف.

 

إقرأ المزيد : 

تقرير صادم ل “رويترز ” :  15 ألف شخص قتلوا في مدينة سودانية واحدة في أعمال عنف عرقية نفذتها ” الدعم السريع”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »